الأحد، 12 أكتوبر 2008

عفوا يا أصحاب التاج الأبيض


في يوم من الأيام التعيسة التي تعلقت في أستار ذاكرتي خرجت بموقف لا يحسدني عليه لا جحا ولا حماره بعد أن أوقعني تعس حظي بين يدي طاعن في السن لم يرقب فيني لا إلا ولا ذمة بدأت قصتي مع هذا الرجل عندما استوقفني عند أحد مداخل القرى(( حاملا معه عصاته التي بان عليها أكل الزمن و تفنن فيها النمل الابيض بالنحت والسحت )) استعطفتني بسمته الساحرة ولو أنها لا تحتوي أسنان . إلا أنه توكل على ربه فركب اهلا بالعم إلى الى أين التفت إلي وبدأ يقص روايته والتي لم أفهم منها حرفا واحدا الا انني استنتجت انه يريد المشفى وبدأنا السير وليتنا لم نسر فلقد تقطت بي السبل وادلهم الخطب والخبر ولم أعرف بأي لغة يتحدث (كنت أشك بأنه مصاب بالزهايمر المزمن) وبعد صراع مرير مع محاولة فهم ما يقول صرخ في وجهي وقال (وين بتوديني انت) هنا تملكني شعور مختلط بين الضحك والخوف فلعل هذا العجوز ظن نفسه مختطفا لصالح المافيا السعودية وهو لا يعلم بانه وصاحبه (ضايعين في الطوشة ) فلا أنا أعلم عن هذه القرية أي شيء سوى اسمها ولا هو يعلم إلى أي طريق سيذهب سوى انه ابتلي بي !! شعرت بالوقت واذا به كان متثاقل الحركة ولايريد السير. مضينا و كل يتربص بصاحبه ريب المنون
ارتقع ضغطي و ضغطه جراء الذهاب والإياب ومن فرط الدوران والميلان حتى كادت أن تنتهي القصة بوفاته و فجأة وعندما اقتربنا من السوق الشعبي قرر أشعب زمانه النزول أخيرا ويا أسعدها من لحظة فكأنما أزيل عن صدري جاثوم من الوزن الثقيل لا أدري أهذا قصده أم أنه أصيب بنوبة من حرقة الدم وارتفاع السكر فقرر الاستسلام والركون الى وفاق بعد رفع الراية البيضاء
المهم بالموضوع هو أني أوصلته ولكني قد شعرت بالنهاية بتأنيب الضمير ولربما ظلمت هذا العجوز ونفسي
و لو أني كنت متقنا للهجة أصحاب الرؤوس البيضاء لما حصل ما حصل
ابتعدنا عن مجالستهم ورحلنا عن مؤانستهم فكنا فعلا مجرمين بحقهم الكبير و جاهلين بتراثهم المثير عفوا يا أصحاب الشعر الأبيض فلقد أعمتنا زهرة هذا الزمن وغرنا طول سراب الأمل عفوا يا أصحاب الشعر الأبيض فلقد غلظتنا عليكم الايام واستوحشناكم فما كأنكم انسان عفوا ولقد علمت الان ما أنتم إلا حكمة هذا الزمن وما أنتم الا صورة عكسية لصفحة الحياة وعزاؤكم لأنفسكم أنكم تحملون على رؤوسكم التاج الابيض وكفى بذا فخرا
انتهى

هناك تعليقان (2):